4. The Three Principles

Click on a highlighted word or phrase for the explanation:

فَإِذَا قِيْلَ لَكَ : مَا الْأُصُولُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي يَجِبُ عَلَىٰ الْإِنْسَانِ مَعْرِفَتُهَا؟

فَقُلْ : مَعْرِفَةُ الْعَبْدِ رَبَّهُ، وَدِيْنَهُ، وَنَبِيَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ

مَنْ رَبُّكَ؟

فَإِذَا قِيْلَ لَكَ : مَنْ رَبُّكَ؟

فَقُلْ : رَبِّيَ اللهُ الَّذِي رَبَّانِي، وَرَبَّىٰ جَمِيْعَ الْعَالَمِيْنَ بِنِعَمِهِ، وَهُوَ مَعْبُودِي لَيْسَ لِي مَعْبُودٌ سِوَاهُ

.وَالدَّلِيْلُ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ

وَكُلُّ مَنْ سِوَىٰ اللهِ عَالَمٌ، وَأَنَا وَاحِدٌ مِنْ ذٰلِكَ الْعَالَمِ

فَإِذَا قِيْلَ لَكَ : بِمَ عَرَفْتَ رَبَّكَ؟

فَقُلْ : بِآيَاتِهِ وَمَخْلُوقَاتِهِ

وَمِنْ آيَاتِهِ : اللَّيْلُ، وَالنَّهَارُ، وَالشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ

وَمِنْ مَخْلُوقَاتِهِ : السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُونَ السَّبْعُ وَمَنْ فِيْهِنَّ، وَمَا بَيْنَهُمَا

وَالدَّلِيْلُ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿وَمِنْ ءَايٰتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُۚ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلّٰهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ۝٣٧﴾ [فصلت (٤١) : ٣٧]

وَقَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَىٰ الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيْثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍۭ بِأَمْرِهِۗ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِيْنَ ۝٥٤﴾ [الأعراف (٧) : ٥٤]

وَالرَّبُّ هُوَ الْمَعْبُودُ، وَالدَّلِيْلُ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ۝٢١ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْۖ فَلَا تَجْعَلُوا لِلّٰهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ۝٢٢﴾ [البقرة (٢) : ٢١-٢٢ ]

قَالَ ابْنُ كَثِيْرٍ – رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىٰ – : (( الْخَالِقُ لِهٰذِهِ الْأَشْيَاءِ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ ))

وَأَنْوَاعُ الْعِبَادَةِ الَّتِي أَمَرَ اللهُ بِهَا – مِثْلُ : الْإِسْلَامِ، وَالْإِيْمَانِ، وَالْإِحْسَانِ، وَمِنْهُ : الدُّعَاءُ، وَالْخَوْفُ، وَالرَّجَاءُ، وَالتَّوَكُّلُ، وَالرَّغْبَةُ، وَالرَّهْبَةُ، وَالْخُشُوعُ، وَالْخَشْيَةُ، وَالْإِنَابَةُ، وَالْاِسْتِعَانَةُ، وَالْاِسْتِعَاذَةُ، وَالْاِسْتِغَاثَةُ، وَالذَّبْحُ، وَالنَّذْرُ، وَغَيْرُ ذٰلِكَ مِنْ أَنْوَاع الْعِبَادَةِ الَّتِي أَمَرَ اللهُ بِهَا – كُلُّهَا لِلّٰهِ تَعَالَىٰ

وَالدَّلِيْلُ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلّٰهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا ۝١٨﴾ [الجن (٧٢) : ١٨]

فَمَنْ صَرَفَ مِنْهَا شَيْئًا لِغَيْرِ اللهِ؛ فَهُوَ مُشْرِكٌ كَافِرٌ، وَالدَّلِيْلُ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿وَمَن يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلٰهًا ءَاخَرَ لَا بُرْهٰنَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ۝١١٧﴾ [المؤمنون (٢٣) : ١١٧]

وَفِي الْحَدِيْثِ : (( الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ )) [ضعيف : الترمذي (٣٣٧١)] . وَالدَّلِيْلُ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِيْنَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِيْنَ ۝٦٠﴾ [غافر (٤٠) : ٦٠]

وَدَلِيْلُ الْخَوْفِ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ﴾ [آل عمران (٣) : ١٧٥]

وَدَلِيْلُ الرَّجَاءِ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوْحَىٰ إِلَىٰ أَنَّمَا إِلٰهُكُمْ إِلٰهٌ وَاحِدٌۖ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ۝١١٠﴾ [الكهف (١٨) : ١١٠]

وَدَلِيْلُ التَّوَكُّلِ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿وَعَلَىٰ اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِيْنَ﴾، وَقَوْلُهُ : وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَىٰ اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُۚ﴾ [الطلاق (٦٥) : ٣]

وَدَلِيْلُ الرَّغْبَةِ، وَالرَّهْبَةِ، وَالْخُشُوعِ، قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًاۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِيْنَ﴾ [الأنبياء (٢١) : ٩٠]

وَدَلِيْلُ الْخَشْيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي﴾ الْآيَةَ [البقرة (٢) : ١٥٠] و[المائدة (٥) : ٣]

وَدَلِيْلُ الْإِنَابَةِ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿وَأَنِيْبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ﴾ [الزمر (٣٩) : ٥٤]

وَدَلِيْلُ الْاِسْتِعَانَةِ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِيْنُ ۝٥﴾ [الفاتحة (١) : ٥]، وَفِي الْحَدِيْثِ : (( إِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ )) [صحيح : الترمذي (٢٥١٦)]

وَدَلِيْلُ الْاِسْتِعَاذَةِ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ۝١﴾ [الفلق (١١٣) : ١]، وَ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ۝١﴾ [الناس (١١٤) : ١]

وَدَلِيْلُ الْاِسْتَغَاثَةِ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿إِذْ تَسْتَغِيْثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ﴾ [الأنفال (٨) : ٩]

وَدَلِيْلُ الذَّبْحِ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِي لِلّٰهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ۝١٦٢﴾ [الأنعام (٦) : ١٦٢] . وَمِنَ السُّنَّةِ : (( لَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ )) [صحيح : مسلم (١٩٧٨)]

وَدَلِيْلُ النَّذْرِ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيْرًا ۝٧﴾ [الإنسان (٧٦) : ٧]

مَا دِيْنُكَ؟

الْأَصْلُ الثَّانِي

مَعْرِفَةُ دِيْنِ الْإِسْلَامِ بِالْأَدِلَّةِ، وَهُوَ : الْاِسْتِسْلَامُ لِلّٰهِ بِالتَّوْحِيْدِ، وَالْاِنْقِيَادُ لَهُ بِالطَّاعَةِ، وَالْبَرَاءَةُ مِنَ الشِّرْكِ وَأَهْلِهِ .

وَهُوَ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ : الْإِسْلَامُ، وَالْإِيْمَانُ، وَالْإِحْسَانُ .

وَكُلُّ مَرْتَبَةٍ لَهَا أَرْكَانٌ .

الْإِسْلَامُ

فَأَرْكَانُ الْإِسْلَامِ خَمْسَةٌ : شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيْتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَحَجُّ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ

فَدَلِيْلُ الشَّهَادَةِ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لَا إِلٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قَائِمًۢا بِالْقِسْطِ لَا إِلٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيْزُ الْحَكِيْمُ ۝١٨﴾ [آل عمران (٣) : ١٨]

وَمَعْنَاهَا : لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلَّا اللهُ

(( لَا إِلٰهَ )) نَافِيًا جَمِيْعَ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ

(( إِلَّا اللهُ )) مُثْبِتًا الْعِبَادَةَ لِلّٰهِ وَحْدَهُ، لَا شَرِيْكَ لَهُ فِي عِبَادَتِهِ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَرِيْكٌ فِي مُلْكِهِ

وَتَفْسِيْرُهَا الَّذِي يُوَضِّحُهَا : قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيْمُ لِأَبِيْهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ ۝٢٦ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِيْنِ ۝٢٧ وَجَعَلَهَا كَلِمَةَۢ بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ۝٢٨﴾ [الزخرف (٤٣) : ٢٦-٢٨]، وَقَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءِۭ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِۚ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ۝٦٤﴾ [آل عمران (٣) : ٦٤]

وَدَلِيْلُ شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيْزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيْصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِيْنَ رَءُوفٌ رَّحِيْمٌ ۝١٢٨﴾ [التوبة (٩) : ١٢٨]

وَمَعْنَىٰ شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ : طَاعَتُهُ فِيْمَا أَمَرَ، وَتَصْدِيْقُهُ فِيْمَا أَخْبَرَ، وَاجْتِنَابُ مَا عَنْهُ نَهَىٰ وَزَجَرَ، وَأَن لَّا يُعْبَدَ اللهُ إِلَّا بِمَا شَرَعَ

وَدَلِيْلُ الصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَتَفْسِيْرِ التَّوْحِيْدِ : قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِيْنَ لَهُ الدِّيْنَ حُنَفَاءَ وَيُقِيموُا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَۚ وَذٰلِكَ دِيْنُ الْقَيِّمَةِ ۝٥﴾ [البينة (٩٨) : ٥]

وَدَلِيْلُ الصِّيَامِ، قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَىٰ الَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ۝١٨٣﴾ [البقرة (٢) : ١٨٣]

وَدَلِيْلُ الْحَجِّ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿وَلِلّٰهِ عَلَىٰ النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيْلًاۚ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِيْنَ﴾ [آل عمران (٣) : ٩٧]

الْإِيْمَانُ

الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ : الْإِيْمَانُ؛ وَهُوَ : بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، فَأَعْلَاهَا قَوْلُ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَىٰ عَنِ الطَّرِيْقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيْمَانِ

وَأَرْكَانُهُ سِتَّةٌ : أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ

وَالدَّلِيْلُ عَلَىٰ هٰذِهِ الْأَرْكَانِ السِّتَّةِ : قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ ءَامَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّيْنَ﴾ [البقرة (٢) : ١٧٧] .

وَدَلِيْلُ الْقَدَرِ؛ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ۝٤٩﴾ [القمر (٥٤) : ٤٩]

الْإِحْسَانُ

الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ : الْإِحْسَانُ – رُكْنٌ وَاحِدٌ – وَهُوَ : أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ

وَالدَّلِيْلُ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِيْنَ اتَّقَوْا وَالَّذِيْنَ هُمْ مُحْسِنُونَ ۝١٢٨﴾ [النحل (١٦) : ١٢٨] ، وَقَوْلُهُ : ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَىٰ الْعَزِيْزِ الرَّحِيْمِ ۝٢١٧ الَّذِي يَرَاكَ حِيْنَ تَقُومُ ۝٢١٨ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِيْنَ ۝٢١٩ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيْعُ الْعَلِيْمُ ۝٢٢٠﴾ [الشعراء (٢٦) : ٢١٧-٢٢٠] ، وَقَوْلُهُ : ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْءَانٍ وَلَا تَعْلَمُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيْضُونَ فِيْهِۚ﴾ الْآيَة [يونس (١٠) : ٦١]

وَالدَّلِيْلُ مِنَ السُّنَّةِ : حَدِيْثُ جِبْرِيْلَ الْمَشْهُورُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ– رَضِيَ اللهُ عَنْهُ – قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيْدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيْدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لَا يُرَىٰ عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتَّىٰ جَلَسَ إِلَىٰ النَّبِيِّ ﷺ، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَىٰ رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَىٰ فَخِذَيْهِ، وَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ! أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ

الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيْمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ، إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيْلًا

قَالَ : صَدَقْتَ

قَالَ : فَعَجِبْنَا لَهُ، يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ

قَالَ : فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيْمَانِ؟ قَالَ

أَنْ تُؤْمِنَ بِااللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ

قَالَ : صَدَقْتَ

قَالَ : فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِحْسَانِ؟ قَالَ

(( أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ؛ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ، فَإِنَّهُ يَرَاكَ ))

قَالَ : فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ؟ قَالَ

(( مَا الْمَسْؤُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ ))

قَالَ : فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَاتِهَا؟ قَالَ

(( أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا. وَأَنْ تَرَىٰ الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ,، الْعَالَةَ، رِعَاءَ الشَّاءِ، يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ ))

قَالَ : ثُمَّ انْطَلَقَ، فَلَبِثْتُ مَلِيًّا . ثُمَّ قَالَ لِي

(( يَا عُمَرُ! أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟ ))

قُلْتُ : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ

(( فَإِنَّهُ جِبْرِيْلُ، أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِيْنَكُمْ))

مَنْ نَبِيُّكَ؟

الْأَصْلُ الثَّالِثُ

مَعْرِفَةُ نَبِيِّكُمْ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ، وَهَاشِمٌ مِنْ قُرَيْشٌ، وَقُرَيْشٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَالْعَرَبُ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيْلَ بْنِ إِبْرَاهِيْمَ الْخَلِيْلِ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ نَبِيِّنَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ

وَلَهُ مِنَ الْعُمُرِ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ سَنَةً، مِنْهَا أَرْبَعُونَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ، وَثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ نَبِيًّا رَسُولاً

نُبِّئَ بِٱقْرَأْ، وَأُرْسِلَ بِالْمُدَّثِرِ، وَبَلَدُهُ مَكَّةُ، وَهَاجَرَ إِلَىٰ الْمَدِيْنَةِ

بَعَثَهُ اللهُ بِالنَّذَارَةِ عَنِ الشِّرْكِ، وَيَدْعُوا إِلَىٰ التَّوْحِيْدِ

وَالدَّلِيْلُ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ۝١ قُمْ فَأَنْذِرْ ۝٢ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ۝٣ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ۝٤ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ۝٥ وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرْ ۝٦ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ۝٧﴾ [المدثر (٧٤) : ١-٧]

وَمَعْنَىٰ : ﴿قُمْ فَأَنْذِرْ﴾ : يُنْذِرُ عَنِ الشِّرْكِ وَيَدْعُو إِلَىٰ التَّوْحِيْدِ

وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ أَيْ : عَظِّمْهُ بِالتَّوْحِيْدِ .

﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ أَيْ : طَهِّرْ أَعْمَالَكَ عَنِ الشِّرْكِ .

﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ الرُّجْزُ : الْأَصْنَامُ، وَهَجْرُهَا : تَرْكُهَا، وَالْبَرَاءَةُ مِنْهَا وَأَهْلِهَا

أَخَذَ عَلَىٰ هٰذَا عَشْرَ سِنِيْنَ يَدْعُو إِلَىٰ التَّوْحِيْدِ، وَبَعْدَ الْعَشْرِ عُرِجَ بِهِ إِلَىٰ السَّمَاءِ، وَفُرِضَتْ عَلَيْهِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَصَلَّىٰ فِي مَكَّةَ ثَلَاث سِنِيْنَ، وَبَعْدَهَا أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ إِلَىٰ الْمَدِيْنَةِ

وَالْهِجْرَةُ : الْاِنْتِقَالُ مِنْ بَلَدِ الشِّرْكِ إِلَىٰ بَلَدِ الْإِسْلَامِ

وَالْهِجْرَةُ فَرِيْضَةٌ عَلَىٰ هٰذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ بَلَدِ الشِّرْكِ إِلَىٰ بَلَدِ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ بَاقِيَةٌ إِلَىٰ أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ

وَالدَّلِيْلُ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿إِنَّ الَّذِيْنَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيْمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِيْنَ فِي الْأَرْضِۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيْهَاۚ فَأُولٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُۖ وَسَاءَتْ مَصِيْرًا ۝٩٧ إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِيْنَ  مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيْعُونَ حِيْلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيْلًا ۝٩٨ فَأُولٰئِكَ عَسَىٰ اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْۚ وَكَانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُورًا ۝٩٩﴾ [النساء (٤) : ٩٧-٩٩]

وَقَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِيْنَ ءَامَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ﴾ ۝٥٦ [العنكبوت (٢٩) : ٥٦]

قَالَ الْبَغَوِيُّ – رَحِمَهُ اللهُ – : (( سَبَبُ نُزُولِ هٰذِهِ الْآيَةِ : فِي الْمُسْلِمِيْنَ الَّذِيْنَ بِمَكَّةَ لَمْ يُهَاجِرُوا، نَادَاهُمُ اللهُ بِاسْمِ الْإِيْمَانِ ))

وَالدَّلِيْلُ عَلَىٰ الْهِجْرَةِ مِنَ السُّنَّةِ : قَوْلُهُ ﷺ : (( لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّىٰ تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّىٰ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا )) [صحيح : أبو داود (٢٤٧٩)]

فَلَمَّا اسْتَقَرَّ بِالْمَدِيْنَةِ، أُمِرَ بِبَقِيَّةِ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ – مِثْلُ : الزَّكَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَالْحَجِّ، وَالْأَذَانِ، وَالْجِهَادِ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَغَيْرِ ذٰلِكَ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ – أَخَذَ عَلَىٰ هٰذَا عَشْرَ سِنِيْنَ

وَبَعْدَهَا تُوُفِّيَ – صَلَاةُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ – وَدِيْنُهُ بَاقٍ، وَهٰذَا دِيْنُهُ، لَا خَيْرَ إِلَّا دَلَّ الْأُمَّةَ عَلَيْهِ، وَلَا شَرَّ إِلَّا حَذَّرَهَا مِنْهُ

وَالْخَيْرُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ : التَّوْحِيْدُ، وَجَمِيْعُ مَا يُحِبُّهُ اللهُ وَيَرْضَاهُ

وَالشَّرُّ الَّذِي حَذَّرَ مِنْهُ : الشِّرْكُ، وَجَمِيْعُ مَا يَكْرَهُهُ اللهُ وَيَأْبَاهُ

بَعَثَهُ اللهُ إِلَىٰ النَّاسِ كَافَّةً، وَافْتَرَضَ طَاعَتَهُ عَلَىٰ جَمِيْعِ الثَّقَلَيْنِ – الْجِنِّ وَالْإِنْسِ – ؛ وَالدَّلِيْلُ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿قُلْ يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيْعًا﴾ [الأعراف (٧) : ١٥٨]

وَأَكْمَلَ اللهُ بِهِ الدِّيْنَ؛ وَالدَّلِيْلُ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِيْنَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيْتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيْنًاۚ﴾ [المائدة (٥) : ٣]

وَالدَّلِيْلُ عَلَىٰ مَوْتِهِ ﷺ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ۝٣٠ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ۝٣١﴾ [الزمر (٣٩) : ٣٠-٣١]